الاثنين، 29 سبتمبر 2014

أحكام الأضحية في الإسلام على مذهب امامنا الشافعي رضي الله عنه:

الحمد لله رب العالمين،الأول بلا ابتداء والآخر بلا انتهاء والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير البرية، وشفيع البشرية، الذي سَنَّ لنا في يوم عيد الأضحى الأضحية، وعلى صحابته الأخيار أفضل تحية، ويتبعها سلاماً تاما أما بعد :




اعلم إن من أفضل القربات التي يتقرب بها المؤمن في يوم عيد الأضحى هي الأضحية إذ هي أفضل من صدقة التطوع ، وهي سُنة أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام وفعل خير الخلق سيدنا محمد عليه وآله الصلاة والسلام ويتعلق بهذه الشعيرة أحكام يجب على كل مكلفٍ أراد التضحية في هذا العيد أنْ يعرفها حتى تكون أضحيته مقبولة ومجزئة عند الله .

الأضحية :
وهي ما يذبح من النعم تقربا إلى الله تعالى من يوم العيد إلى آخر أيام التشريق.

مشروعية الأضحية :
ثبتت مشروعية الأضحية بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، حيث يقول المولى عز وجل في محكم كتابه ] فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [ سورة الكوثر2) فإن أشهر الأقوال أن المراد بالصلاة هي صلاة العيد ، وبالنحر الأضاحي، ومن السنة ما رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ما عمل ابن آدم يوم النحر من عمل أحب إلى الله من إراقة الدم وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفساً .
حكم الأضحية :
الأضحية سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
شروط صحة الأضحية : وهي قسمان :
القسم الأول :
شروط يجب توفرها فيمن أراد أن يضحي وهي:

1- الإسلام : فلا تصح الأضحية من غير المسلم.
2- الحرية : فلا تجزئ الأضحية من المملوك
3- البلوغ : فلا تصح الأضحية من الصبي.
4- العقل : فلا تصح الأضحية من المجنون.
5- الاستطاعة : يشترط فيها أن يكون المضحي عنده ما يكفيه ويكفي من يعوله في أيام العيد ويكون عنده ما يكفي لكسوة فصله .
القسم الثاني : شروط الأضحية :
أولا : أنواع الأضاحي :
يجب أن تكون الأضحية من النعم وهي ( الإبل والبقر والمعز والضأن ) لقوله تعالى ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ...[ سورة الحج34) ولأن الأضحية عبادة تتعلق بالحيوان فاختصت بالنعم كالزكاة .
ثانيا : ما يجزيء من الأضاحي :
( الضأن ) : وهو ما استكمل سنة وطعن في الثانية فإن سقطت أسنانه قبل إتمام السنة أجزأ لعموم الخبر الذي رواه أحمد ضحوا بالجذع من الضأن .

ملاحظة : هناك من العلماء من قال بأن ما كان له ستة أشهر يُجزئ، بشرط أن يكون موفور اللحم وكأنه ابن سَنة، وهذه القاعدة مطردة في جميع الأنواع من البقر والإبل والمعز وهناك من رأى الالتزام بالسن المحدد وللمضحي أن يأخذ بأحد الرأيين ولا حرج في ذلك إن شاء الله.
( الثني من المعز ) : وهو ما استكمل سنتين وطعن في الثالثة ويجزئ ما كان له سنة.
( البقر ): وهو ما استكمل سنتين وطعن في الثالثة ولا يجزئ البقر الوحشي ويقال في البقر ما قيل في الضأن.
(الإبل ) وهو ما استكمل خمس سنين وطعن في السادسة
ثالثا : عدد المشتركين في الأضحية :
1- يجزئ في الإبل والبقر اشتراك سبعة لما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال:خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مُهِلَّين بالحج فأمرنا أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة في بدنة .
2- وتُجزيء الشاة من الضأن والمعز عن واحد فقط وعمن تلزمه نفقتهم ، فإن ذبحها عنه وعن أهله أو أشرك غيره في ثوابها فإنها تجزيء وعليه حُمِل خبر مسلم , ضحى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكبشين وقال : اللهم تقبل من محمد وآل محمد وأمة محمد.
رابعا أفضل أنواع الأضاحي :
إن أفضل أنواع الأضاحي بالنظر لإقامة شعارها فمن نظر إلى اللحم وكثرته فأفضل الأنواع على الترتيب الإبل ثم البقر ثم الضأن ثم المعز ثم المشاركة في بدنة أو بقرة.
وأما من نظر إلى طيب اللحم فالضأن أفضل وسبعة شياه أفضل من بقرة وشاة أفضل من المشاركة في بدنة أو بقرة وأما في الألوان فالبيضاء أفضل ثم الصفراء ثم العفراء وهي التي لا يصفو بياضها ثم الحمراء ثم البلقاء ثم السوداء إذ روى الإمام أحمد لدم عفراء أحب إلى الله من دم سوداوين .
خامسا : ما لا يجزئ من الأضاحي :" عيوب الأضحية":
وهي أربعة أنواع إذا ما وجدت في الأضحية لا تجزئ الأضحية ويدل عليه ما رواه الترمذي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال : أربع لا تجزئ في الأضاحي العوراء البين عورها والمريضة البَيِّنُ مرضها، والعرجاء البين عرجها، والعجفاء التي لا تنقي.
1- العوراء البين عَوُرُها وهي التي لا تُبْصر بإحدى عينيها وإن بقيت الحدقة قال الإمام الشافعي :" وأصل العور بياض يغطي الناظر فإن كان يسيرا لا يضر ".
فالعمياء لا تجزيء وتجزيء العمشاء وهي ضعيفة البصر لأن ذلك لا يُؤثر في اللحم وكذلك تجزئ العشواء وهي التي لا تبصر ليلا وتبصر وقت الرعي غالبا .
2- العرجاء البين عرجها بأن يشتد عرجها بحيث تسبقها الماشية إلى المرعى وتتخلف عن القطيع ، فلو كان عرجها يسيرا بحيث لا تتخلف به عن الماشية لا يضر.
3- المريضة البين مرضها بأن يظهر بسبب المرض هزالها وفساد لحمها فلو كان مرضها يسيرا لا يضر
4- العجفاء وهي التي ذهب لحمها السمين بسبب الهزال وذهب مخها (أي مخ عظامها )
5- ولا يجزئ مقطوع بعض الأذن وإن كان يسيراً لذهاب جزء مأكول وقال أبو حنيفة :" إن كان المقطوع أقل من الثلث لا يضر ولا يضر شق الأذن أو خرقها بشرط ألا يسقط منها شيء ". ولا يجزئ مقطوع بعض الذنب أو مقطوع بعض اللسان لأنه يضر ويؤدي إلى نقصان اللحم .
ملاحظة: وتجزئ مكسورة القرن ما لم يؤثر على اللحم وإن سال الدم ،وكذلك الجرباء ومكسورة بعض الأسنان ما لم يؤثر في نقص اللحم فلو سقطت كل الأسنان ضر ذلك.
( ويجزئ الخصي ) لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضحى بكبشين موجوءين رواه أبو داوود والإمام أحمد لأنه يسبب طيب اللحم وكثرته.
وقت الذبح :
يبدأ وقت ذبح الأضحية من بعد صلاة العيد في يوم النحر وينتهي من غروب آخر يوم من أيام التشريق الثلاثة وهو غروب رابع أيام العيد فمن ذبح قبل الصلاة ( أي صلاة العيد ) أو بعد غروب اليوم الثالث من أيام التشريق لا تعتبر أضحية بل هو لحم قدمَّه لأهله لخبر الصحيحين:إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر. من فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ومن ذبح قبله فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء .
ما يستحب عند الذبح :
1- التسمية بأن يقول " بسم الله ".
2- الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
3- استقبال القبلة بالذبيحة بأن يكون موضع نحرها باتجاه القبلة.
4- التكبير ثلاثا بعد التسمية والصلاة على النبي.
5- حد الشفرة أو السكينة قبل الذبح بحيث لا تراه الذبيحة.
6- الدعاء بالقبول بأن يقول اللهم إن هذا منك وإليك اللهم تقبله من فلان وآل فلان.
7- إضجاعها على شقها الأيسر وشد قوائمها الثلاث غير الرجل اليمنى ويسن أن يذبح المضحي بيده وإن ذبح غيره جاز مع الكراهة لغير ضرورة بشرط ألا يكون الذابح غير مسلم .
8- أن يشهد أهله أضحيته لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة:"قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك بأول قطرة من دمها كل ذنب" رواه البيهقي والبزار في مجمع الزوائد.
ما يستحب بعد الذبح :
1- يسن تقسيم لحم الأضحية إلى أجزاء ثلاثة فيهدي منها ويتصدق ويأكل ولا يطعم منها إلا مسلم لأنها عبادة.
وقيل يجوز أن يطعم منها كافرا . وبهذا قال الحسن ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي .
وقال مالك : غيرهم أحب إلينا . وكره مالك والليث إعطاء النصراني جلد الأضحية .

2- لا يجوز أن يبيع من الأضحية شيئا ولو كان جلدا لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : من باع جلد أضحيته فلا أضحية له . رواه الحاكم في المستدرك.
3- ولا يعطي للجزار من الأضحية شيئا كأجرة له أما ما كان على سبيل الهدية فلا بأس.
فائدة: 
لمن أراد أن يذبح الأضحية أن يقول عند الذبح:
بسم الله، والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، هذا عني (وإن كان يذبح أضحية غيره قال: هذا عن فلان) اللهم تقبل من فلان وآل فلان (ويسمي نفسه).
والمؤكد من هذا هو التسمية وقيل واجبة، وما زاد على ذلك فهو مستحب وليس بواج
ب.
روى البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا.
وروى مسلم) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ فَقَالَ لَهَا يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي الْمُدْيَةَ (يعني السكين) ثُمَّ قَالَ اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ ثُمَّ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى بِهِ.
وروى الترمذي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَضْحَى بِالْمُصَلَّى فَلَمَّا قَضَى خُطْبَتَهُ نَزَلَ عَنْ مِنْبَرِهِ فَأُتِيَ بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي.
وجاء في بعض الروايات زيادة "اللهم إن هذا منك ولك". انظر: إرواء الغليل . (اللَّهُمَّ مِنْك) : أَيْ هَذِهِ الأُضْحِيَّة عَطِيَّة ورزق وصل إِلَيَّ مِنْك (وَلَك): أَيْ خَالِصَة لَك.

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
والله تعالى اعلم واحكم.


وصلات ذات صلة:

حكم الأضحية عن الميت وإشراكه في ثوابها

أحكام العيد وآدابه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.