الخميس، 4 سبتمبر 2014

حكم التلفظ بالنية

حكم التلفظ بالنية
اعلموا أن النية محلّها القلب فلا يجب النطق بها باللسان اتفاقاً ولكن يسنّ النّطق بها ليساعد اللسان القلب كما بيّن السادة الشافعية ومن وافقهم من أهل العلم. (انظر: حاشية البيجوري).
ومعنى ذلك أنّ من نوى بقلبه ولم يتلفظ بلسانه فصلاته صحيحة اتفاقاً وأمّا لو تلفظ بلسانه ولم ينو بقلبه فصلاته باطلة وإن جمع بين اللسان والقلب فهو الأفضل.

جاء في المجموع للنووي3/277 :
فان نوى بقلبه ولم يتلفظ بلسانه أجزأه علي المذهب وبه قطع الجمهور وفيه الوجه الذى ذكره المصنف وذكره غيره وقال صاحب الحاوى هو قول ابى عبد الله الزبيري أنه لا يجزئه حتى يجمع بين نية القلب وتلفظ اللسان لان الشافعي رحمه الله قال في الحج إذا نوى حجا أو عمرة أجزأ وان لم يتلفظ وليس كالصلاة لا تصح الا بالنطق قال اصحابنا غلط هذا القائل وليس مراد الشافعي بالنطق في الصلاة هذا بل مراده التكبير: ولو تلفظ بلسانه ولم ينو بقلبه لم تنعقد صلاته بالاجماع فيه: ولو نوى بقلبه صلاة الظهر وجرى علي لسانه صلاة العصر انعقدت صلاة الظهر.
وقال الخطيب في المغني (1/ 343):" (ويندب النطق) بالمنوي (قبيل التكبير) ليساعد اللسان القلب ولأنه أبعد عن الوسواس.اهـ

وهناك ثلاثة أقوال للعلماء في مسالة التلفظ بالنية:
1- ذهب جماعة من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد إلى استحباب التلفظ بها، واستدلوا لذلك بالمنقول من تلفظ النبي صلى الله عليه وسلم بالتلبية لعمرته وحجه،( عن أنس عن أبي طلحة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في تلبيته لبيك بحجة وعمرة معا)..وحديث الصوم(عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت ربما دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لنا هل عندكم من شيء فنقول لا فيقول إني إذا صائم قالت ودخل علينا مرة فقلنا له أهدي لنا حيس فخبأنا لك منه فقال هلموه فإني قد كنت صائما قالت فأكل) وقاسوا عليها بقية العبادات، وقالوا: بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وبالمعقول وهو أن اجتماع عضوين، وهما: القلب واللسان في العبادة أولى من إعمال عضو واحد.

2- وذهبت جماعة من أصحاب مالك وأحمد إلى عدم استحباب التلفظ بالنية.
3- وذهبت جماعة من المالكية إلى أن التلفظ بالنية خلاف الأولى، إلا الموسوس فيندب له اللفظ لإذهاب اللبس عن نفسه.
وأقول ينبغي على المصلين وأهل العلم ألاّ يختلفوا في مثل هذه المسائل الجزئية التي لا يترتب على فعلها وتركها شيء لا سيما وأنّ جمهور أهل العلم على جواز التلفظ بالنية بل وعلى استحبابها عند السادة الشافعية، أفلا يسعنا ما وسعهم، فينبغي أن ننزه مساجدنا ومجالسنا من مثل هذه الإختلافات الفرعية وننشغل في قضايا أخرى أساسية وجوهرية، فإنّه من المقرر فقهياً أنّ المختلف فيه لا ينكر خصوصاً إذا كانت من الهيئات التي لا يترتب على تركها أو فعلها بطلان.
وأنصح كلّ من أراد أن ينقل فتوى أو قولاً لأهل العلم أن يبحث أولا فيما لو كانت محلً اختلاف أم اتفاق، فإن كانت محل اتفاق ورأى فعل النّاس على خلافه قدّم النصح بحكمة وإن كانت محل اختلاف توقف عن الإنكار لأنّ المختلف فيه لا ينكر ولو كان على خلاف ما يتبناه المرء لنفسه...والله أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.