الاثنين، 29 سبتمبر 2014

أحكام العيد وآدابه


الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام ديناً، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فهذه كلمات موجزة حول أحكام العيد وآدابه:

حكم الأضحية عن الميت وإشراكه في ثوابها


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
اعلم إن الأضحية سنة مؤكدة في حق الحي القادر، وتجزئ عنه وعن أهل بيته، وقيل: واجبة، وأما الميت فلا تجب عنه عند أحد من أهل العلم ما لم يوص بها أو ينذرها قبل وفاته، واختلفوا في صحتها لو ذبحت عنه بغير وصية هل تصح أم لا؟ على ثلاثة أقوال:

أحكام الأضحية في الإسلام على مذهب امامنا الشافعي رضي الله عنه:

الحمد لله رب العالمين،الأول بلا ابتداء والآخر بلا انتهاء والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير البرية، وشفيع البشرية، الذي سَنَّ لنا في يوم عيد الأضحى الأضحية، وعلى صحابته الأخيار أفضل تحية، ويتبعها سلاماً تاما أما بعد :




اعلم إن من أفضل القربات التي يتقرب بها المؤمن في يوم عيد الأضحى هي الأضحية إذ هي أفضل من صدقة التطوع ، وهي سُنة أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام وفعل خير الخلق سيدنا محمد عليه وآله الصلاة والسلام ويتعلق بهذه الشعيرة أحكام يجب على كل مكلفٍ أراد التضحية في هذا العيد أنْ يعرفها حتى تكون أضحيته مقبولة ومجزئة عند الله .

الجمعة، 26 سبتمبر 2014

بأي شيء نستقبل عشر ذي الحجة؟

حري بالمسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، ومنها عشر ذي الحجة بأمور:
1- التوبة الصادقة :
فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، يقول تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون( [النور:31].
2- العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام :
فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله صدقه الله، قال تعالى:( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) العنكبوت
3- البعد عن المعاصي:
فكما أن الطاعات أسباب للقرب من الله تعالى، فالمعاصي أسباب للبعد عن الله والطرد من رحمته، وقد يحرم الإنسان رحمة الله بسبب ذنب يرتكبه÷ فإن كنت تطمع في مغفرة الذنوب والعتق من النار فأحذر الوقوع في المعاصي في هذه الأيام وفي غيرها؟ ومن عرف ما يطلب هان عليه كل ما يبذل.

الخميس، 25 سبتمبر 2014

أحكام تتعلق بالمصحف

الحمد لله رب العالمين، القائل: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُون * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} (77-80) سورة الواقعة، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

التثويب المحدث

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على خير خلق الله أجمعين، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه الغر الميامين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها المسلم.. حافظ على وضوئك

  الحمد لله الذي شرع سنن الهدى للناس، وبين لهم طرق الخيرات والباقيات الصالحات، وصلى الله وسلم على البشير النذير والسراج المنير وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المحافظة على الوضوء وإسباغه وإتمامه من الأعمال الصالحات التي رغب الله فيها ورسوله وكتب على ذلك عظيم الأجر..

الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

أحكام الحج والعمرة

مقدمة:
بعض ما ورد في فضل الحج والعمرة:
  • قال صلى الله عليه وسلم: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة". (رواه البخاري ومسلم).
  • قال صلى الله عليه وسلم: "من حج فلم يرفث ولم يفسق يرجع كيوم ولدته أمه". (رواه البخاري وأحمد والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة).
  • قال صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداًَ من النار من يوم عرفة". (أخرجه مسلم عن عائشة رضي الله عنها).
  • وسئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال : إيمان بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا قال: الجهاد في سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟ قال حج مبرور". (رواه البخاري).

الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

عشر ذي الحجة فضائلها والأعمال المستحبة فيها

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده … وبعد:
فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مروراً عابراً. ومن هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة، وهي أيام شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، وحث على العمل الصالح فيها؛ بل إن لله تعالى أقسم بها، وهذا وحده يكفيها شرقاً وفضلاً، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم

قصة رااااااااااائعة في الإخلاص - من كتاب تلبيس ابليس ( لابن الجوزي)





قصة رائعة جدا في وجوب الإخلاص
 من كتاب تلبيس ابليس ( لابن الجوزي) ..
 نسأل الله تعالى أن نستفيد منها جميعا ..

أربع كلمات من أقوال السلف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

*     قال حذيفة رضي الله عنه:
 » إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فيصير منافقا. وإني لأسمعها من أحدكم في المقعد الواحد أربع مرات.

أربع قواعد تدور الأحكام عليها - محمد بن سليمان التميمي رحمه الله


بسم الله الرحمن الرحيم


قال الشيخ محمد بن سليمان التميمي رحمه الله:
:

المِرْقَاة إلى أحْكَامِ الصَّلاة



الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على نبي الهدى محمد المبعوث إلى كافة الورى، وعلى آله وصحبه المقتفين آثار النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم.

أما بعد: فقد قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّلوةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [سورة النساء] أي أن الله فرض على المؤمنين أداء الصلاة في أوقاتها، وتوعّد تبارك وتعالى تاركها بالويل الذي هو العذاب الشديد بقوله عز وجل: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ {4} الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ {5}}[سورة الماعون] أي الويل لمن يؤخر الصلاة عن وقتها بغير عذر حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى، وهذا معنى السهو في هذه الآية.

والصلاة هي من أعظم أمور الإسلام الخمسة، قال عليه الصلاة والسلام: "بني الإسلام على خمس: شهادةِ أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسولُ الله، وإقامِ الصلاة، وإيتاءِ الزكاةِ، وحجّ البيتِ، وصومِ رمضان" رواه البخاري ومسلم.

ولما كانت الصلاة هي أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وصحتها متوقفة على أدائها كما أمر الله سبحانه وتعالى بأداء أركانها وشروطها وتجنّب مبطلاتها، قامت جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية بنشر هذه الرسالة في بيان أحكام الصلاة: أركانها وشروطها ومبطلاتها وغير ذلك، راجين من المولى عزّ وجلّ حسن الختام وأن يحشرنا مع الصديقين والشهداء، إنه على كل شىء قدير.

الاثنين، 22 سبتمبر 2014

الخلاف والنصيحة والحوار

لخلاف والنصيحة والحوار"
نفتقد في مشهدنا الفكري والاجتماعي لثلاثة أنواع من (الأدب) :
١. أدب الخِلاف .
٢. أدب النصيحة .
٣. أدب الحوار .

والخلاف في الرأي نتيجة طبيعية تَبَعاً لاختلاف الأفهام وتباين العقول وتمايز مستويات التفكير.
الأمر غير الطبيعي أن يكون خلافنا في الرأي بوابةً للخصومات ومفتاحاً للعداوات وشرارةً توقد نارَ القطيعة.
العقلاء ما زالوا يختلفون ويتحاورون في حدود (العقل) دون أن تصل آثار خلافهم لحدود (القلب).
فهم يُدركون تمام الإدراك أنّ الناس لا بد أن يختلفوا، ويؤمنون بكل يقين أنه ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾.
أَلَا نُحسن أن نكون (إخواناً) حتى لو لم نتفق .
إن اختلافي معك يا أخي لا يعني أنني أكرهك أو أحتقر عقلك أو أزدري رأيك .. أحبّك يا أخي ، ولو بقينا الدهر كلّه (مختلفين) في الرأي.
واختلافي معك لا يُبِيحُ (عِرضي) ولا يُحِلُّ (غِيبتي) ولا يُجيز (قطيعتي) .
إني لأرجو أن نكون ذا عاقلاً، ولا نريد أن نكون ذا فكرا أحمقاً متعصباً أو متطرفاً محترقاً، فالناس عند الخلاف على ثلاثة أصناف :
١. إن لم تكن معي فلا يعني أنّك ضدّي (وهذا منطق العقلاء).
٢. إن لم تكن معي فأنت ضدّي (وهذا نهج الحمقى).
٣. إن لم تكن معي فأنت ضدّ الله!!! (وهذا سبيل المتطرفين).

الآراء يا أخي :
- للعَرْض .. وليست (للفرض)
- وللإعلام .. وليست (للإلزام)
- وللتكامل .. وليست (للتلاكم)

خِتاماً :
عندما نُحسِنُ كيف نختلف .. سَنُحسنُ كيف نتطوّر .
بعضُنا يُتقِنُ ( أَدَبَ الخِلاف )
والبعضُ الآخرُ ، ولسنا منهم بإذن الله ، يهوى ( خِلافَ الأدب )

تعظيم الأشهر الحرم (2)



الحمد لله مدبر الليالي والأيام، ومصرف الشهور والأعوام، الملك القدوس السلام، المتفرد بالعظمة والبقاء والدوام، المنزه عن النقائص ومشابهة الأنام، يرى ما في داخل العروق وبواطن العظام، ويسمع خفي الصوت ولطيف الكلام، إله رحيم كثير الإنعام، اختص بعض الشهور بمزيد من التقديس والإعظام، أحمده على جليل الصفات وجميل الإنعام، وأشكره شكر من طلب المزيد ورام، وأشهد أن لا إله إلا الله الذي لا تحيط به العقول والأوهام، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل الأنام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

تعظيم الأشهر الحرم (1)


الحمد لله خالق الأنام ومدبر الليالي والأيام ومصرف الشهور والأعوام الملك العلام القدوس السلام وأشهد أن لا إله إلا الله المتفرد بالبقاء والدوام وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله القدوة الإمام عليه من ربه أفضل صلاة وأزكى سلام.

حرمة دم المسلم


الأحد، 21 سبتمبر 2014

مجموعة صور

مجموعة صور اسلامية.....

فتح العلام بشرح مرشد الأنام

المكتبة الوقفية

سلم المناجاة شرح سفينة الصلاة، مع ملحق شرح حديث المسئ لصلاته

 
  • عنوان الكتاب: سلم المناجاة شرح سفينة الصلاة، مع ملحق شرح حديث المسئ لصلاته
  •  المؤلف: محمد نووي بن عمر البنتني التناري الجاوي الشافعي
  •  المحقق: بسام عبد الوهاب الجابي
  •  تاريخ الإضافة: 24 / 07 / 2014
  •  شوهد: 1254 مرة
  •  رابط التحميل من موقع Archive
  •  التحميل المباشر: الكتاب


https://ia902509.us.archive.org/27/items/WAQ90321/cover.jpg

شرح أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة

تحميل كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة - للالكائي - pdf

الكتاب
شرح أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة
من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم

المؤلف: هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي أبو القاسم
تحقيقد. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي
الناشر: دار طيبة
عدد الملفات: 4 ملفات، 5 مجلدات (9 أجزاء)
الطبعة الرابعة 1416 هـ - 1995 م
الحجم: 25 ميجا





للتحميل:

الأربعاء، 10 سبتمبر 2014

كلام نفيس جدا للشيخ سلمان العودة في طريق التفقه في الدين


بسم لله الرحمن الرحيم
البدء بالتفقه مذهبياً

الطريقة الأولى من هذه الطرق: هي أن يبدأ الشاب أو طالب العلم، بالتفقه وفق مذهب من المذاهب المتبوعة، كالمذهب الحنبلي أو الشافعي أو المالكي أو الحنفي، أو غيرها من المذاهب التي هي مذاهب لـأهل السنة والجماعة، فيأخذ الأحكام الشرعية أو يدرسها في كتاب من الكتب على مذهب من المذاهب. فمثلاً:

ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون

ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون
د. أحمد البراء الأميري
قال تعالى:
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافَلَاً عَمَّا يَعْمَلُ الْظَّالِمُونَ ﴾!!

تأملت في حال هذه الدنيا: أفرادِها، وجماعاتِها، وشعوبها، وحكّامِها ودُوَلها.. فرأيتُ مِن أنواع الظُلم عجباً:

الاثنين، 8 سبتمبر 2014

حكم التوسل بأهل الفضل والردّ على أهل البدع وحكم خوارق العادة

حكم التوسل بأهل الفضل والردّ على أهل البدع وحكم خوارق العادة:
التوسل بالأنبياء والأولياء في حياتهم وبعد وفاتهم مباح شرعاً، كما وردت به السنة الصحيحة، كحديث آدم عليه السلام حين عصى، وحديث من اشتكى عينيه، وأحاديث الشفاعة، والذي تلقيناه عن مشايخنا وهم عن مشايخهم وهلم جرا، أن ذلك جائز ثابت في أقطار البلاد وكفى بهم أسوة، وهم الناقلون لنا الشريعة، وما عرفنا إلا بتعليمهم لنا، فلو قدّرنا أن المتقدمين كفروا كما يزعمه هؤلاء الأغبياء لبطلت الشريعة المحمدية، وقول الشخص المؤمن يا فلان عند وقوعه في شدة داخل في التوسل بالمدعوّ إلى الله تعالى وصرف النداء إليه مجاز لا حقيقة، والمعنى يا فلان أتوسل بك إلى ربي أن يقيل عثرتي أو يردّ غائبي مثلاً، فالمسؤول في الحقيقة هو الله تعالى، وإنما أطلق الاستعانة بالنبي أو الولي مجازاً، والعلاقة بينهما أن قصد الشخص التوسل بنحو النبي صار كالسبب، وإطلاقه على المسبب جائز شرعاً وعرفاً وارد في القرآن والسنة، كما هو مقرّر في علم المعاني والبيان، نعم ينبغي تنبيه العوام على ألفاظ تصدر منهم تدل على القدح في توحيدهم، فيجب إرشادهم وإعلامهم بأن لا نافع ولا ضارّ إلا الله تعالى، لا يملك غيره لنفسه ضرّاً ولا نفعاً إلا بإرادة الله تعالى، قال تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام: {قل إني لا أملك لكم ضرّاً ولا رشداً} اهـ. قلت: وقال بعض المحققين: ولا يظهر لي أن حكمة توسل عمر بالعباس رضي الله عنهما دون النبي هي مشروعية جواز التوسل بغيره عليه السلام، وذلك لأن التوسل به أمر معلوم محقق عندهم، فلو توسل بالنبي عليه السلام لأخذ منه عدم جواز التوسل بغيره لله تعالى. وعبارة ك: وأما التوسل بالأنبياء والصالحين فهو أمر محبوب ثابت في الأحاديث الصحيحة وقد أطبقوا على طلبه، بل ثبت التوسل بالأعمال الصالحة وهي أعراض فبالذوات أولى، أما جعل الوسائط بين العبد وبين ربه، فإن كان يدعوهم كما يدعو الله تعالى في الأمور ويعتقد تأثيرهم في شيء من دون الله فهو كفر، وإن كان مراده التوسل بهم إلى الله تعالى في قضاء مهماته مع اعتقاده أن الله هو النافع الضارّ المؤثر في الأمور فالظاهر عدم كفره وإن كان فعله قبيحاً.

حكم أكل لحم الجلالة

حكم أكل لحم الجلالة:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ أكل لحم الجلالة - وهي الدابة التي تأكل العذرة أو غيرها من النّجاسات- وشرب لبنها وأكل بيضها مكروه، إذا ظهر تغيّر لحمها بالرّائحة، والنّتن في عرقها.
أمّا إذا لم يظهر منها تغيّر بريح أو نتن، فلا كراهة عند الشّافعيّة وإن كانت لا تأكل إلاّ النّجاسة.
وقال الحنابلة: يكره أكل لحمها وشرب لبنها إذا كان أكثر علفها النّجاسة، وإن لم يظهر منها نتن أو تغيّر.
وذهب المالكيّة إلى أنّ لحم الجلالة لا كراهة فيه وإن تغيّر من ذلك.
ولا مانع من أكل الدجاج الذي يتغذى على علف مخلوط به مطحون عظام حيوانية، إن كان ذلك غير مضر صحيّاً بها وبآكلها، ولا يظهر له نتن بها.
ويروى عن ابن عمر أنه إذا أراد أكلها حبسها ثلاثاً، حتى تطعم من الطاهرات فقط، فإن لم يكن أكثر علفها النجاسة، أو شك في ذلك لم تحرم؛ لأن الأصل الحل والطهارة.
والجلالة هي ما كان أغلب علفها النجاسة من الإبل أو البقر أو الغنم أو الطير المباح أكله.

حكم قتل الرتيلاء أو العنكبوت، والنمل والجرذان

حكم قتل الرتيلاء أو العنكبوت، والنمل والجرذان:
أكثر أهل العلم على جواز قتل العنكبوت لأنه من جنس المؤذي. وأما الفأرة فورد فيها الحديث المتفق عليه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلهن في الحرم: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور.
وأما الرتيلاء فقال الخرشي في شرح مختصر خليل: هي دابة صغيرة سوداء ربما قتلت من لدغته. ويجوز قتلها .

مذاهب العلماء في مسألة الصلاة بغير العربية

مذاهب العلماء في مسألة الصلاة بغير العربية
اعلم أن الصلاة أصلها في اللغة: الدعاء، لقوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] أي ادع لهم.
وفي الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم "إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائماً فليصلّ، وإن كان مفطراً فليطعم" رواه مسلم، أي ليدع لأرباب الطعام.

وفي الاصطلاح: قال الجمهور: هي أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم مع النية بشرائط مخصوصة.

حكم الشرع في قتل النمل

حكم الشرع في قتل النمل:
يحرم قتل النمل لما رواه أحمد وأبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه سلم عن قتل أربع من الدواب النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد". ويجوز قتل النمل الضار الذي يسبب أذى للإنسان في جسده أو أمتعته كالنمل الأبيض المعروف (بالأرضة). وقد حمل بعض أهل العلم النهي الوارد عن قتل النمل على نوع خاص منه وهو النمل الأحمر الكبير حيث أن هذا النوع لا يسبب ضرا بحال بإذن الله. والحق أن الأصل في النمل أنه لا يجوز قتله ولا يجوز الخروج عن هذا الأصل إلا إذا ثبت أن النمل من النوع الذي يؤذي ولم يمكن التخلص منه بغير القتل.
والله تعالى أعلم.

حكم ختان الإناث

حكم ختان الإناث

المجيب: فضيلة الشيخ/ أحمد بن حسن المعلم
السؤال: لوحظ من خلال الكادر الطبي أن عدداً من الإناث قد تعرضن لمضاعفات نفسية وجسدية جراء تعرضهن للختان، الأمر الذي تطلب منا البحث عن مشروعية ممارسة هذه الظاهرة في المجتمع. أفيدونا مشكورين. والله يرعاكم؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أقسام المياه

المياه أقسام: منها ما يصح التطهّر به ومنها ما لا يصح، وهي:
ماء طاهر مطهِّر: أي طاهر بنفسه مطهِّر لغيره أي يرفع الحدث ويزيل النجس وهو الماء المطلق أي الذي يصحُّ إطلاق اسم الماء عليه بلا قيد كماء السماء، وماء البحر، وماء النهر، وماء العين، وماء الثلج، وماء البَرَد، وأمّا الماءُ المقيّد فهو كماء الورد وماء الزهر فإنه لا يصلح للتطهير.
وماء طاهر غير مطهِّر: أي طاهر بنفسه غير مطهِّر لغيره أي لا يرفع الحدث ولا يزيل النجس وهو:
الماء المستعمل: وهو الذي استعمل في ما لا بُدّ منه في الوضوء والغُسل أو استعمل في إزالة نجس إذا طهر المحل ولم يتغيّر؛ فإن لم يطهر المحل أو تغيّر بالنجاسة فهو نجس.
والماء المتغير بما خالطه من الطاهرات: فإذا خالط الماءَ طاهرٌ يمكن صون الماء عنه بلا مشقّة وغيّر الماءَ تغييرًا كثيرًا فهذا الماء لا يصلح لا للوضوء ولا للغُسل ولا لإزالة النجاسة، كأن وقع في الماء حليب أو سكر فغيّر لونه أو طعمه أو ريحه تغيرًا كثيرًا؛ أمّا ما يقعُ في الماء ولا يغيّره تغييرًا كثيرًا فلا يؤثر لبقاء اسم الماء عليه بلا قيد. ويستثنى من ذلك الملح البحري فلا يؤثر في صلاحية الماء للتطهير وإن غيّر الماء تغييرًا كثيرًا بخلاف الجبلي فإنه يؤثر لحديث: "الطهور ماؤه الحل ميتته".

وماء نجس: اعلم أن الفقهاء الشافعيين قالوا: الماء قسمان: ماء قليل وماء كثير. فالماء القليل عندهم: هو ما كان دون القلّتين، والماء الكثير: هو ما كان قلّتين فأكثر، ومقدار القلّتين: هو ما يملأ حفرة مدورة قطرها ذراع وعمقها ذراعان ونصف، أو ما يملأ حفرة مربعة عمقها ذراع وربع وكذلك عرضها وطولها، والمراد بالذراع الذراع اليدوي.
فإذا وقع في الماء القليل نجاسة غير معفو عنها فإنها تنجسه سواء تغير الماء أو لم يتغير، ومن النجاسة المعفو عنها ميتة ما ليس له دم يسيل كالذباب والبرغوث ونحوهما، فإذا وقع في الماء ومات فيه فإنه لا ينجسه.
وأمّا الماء الكثير فلا يتنجس بمجرد ملاقاة النجاسة إلا أن يتغير أحد أوصافه الثلاثة: طعمه أو لونه أو ريحه ولو تغيرًا خفيفًا، هذا في مذهب الشافعيّ. أمّا في مذهب المالكية فالماء لا ينجسه شىء إن كان قليلًا أو كثيرًا إلا النجاسة التي تغيّرُهُ، وفي ذلك فسحةٌ للناس.

مدى الإقرار بالذنب في قبول التوبة

مدى الإقرار بالذنب في قبول التوبة

يترتب على الإقرار بالذنب أحد أمرين : إما الإقلاع عن الذنب والتوبة منه والندم عليه ، وهذه هي التوبة ، ويقبل منه إقراره، وإما إقرار مع استمرار على الذنب ، وهذه ليست توبة ، ولكن مقدمة لها.
يقول الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله :
إذا كان المراد من الاعتراف هو مجرد الإقرار بالذنب، دون إقلاع عنه، وندمٍ عليه، وعزْم على عدم العودة إليه، واتباعه بالحسنات والطاعات، فإن هذا الاعتراف لا يمحو تبعة الذنب، ولا يُسقط عقوبته، فكم من أناس يُقرون بذنوبهم وهم لا ينْوون الإقلاع عنها، بل قد يُفاخرون بها، ويتباهَون حين الاعتراف بها، ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد قال "كلُّ أمتي معافًى إلا المجاهرين"، والمجاهرون هم المجرمون الذين يأتون بالمعاصي، ثم يعْترفُون بها غير مُبالين أمام مَن لمْ يُشاهدْها من الناس.

أما إذا كان المراد بالاعتراف هنا هو الإقرار بالذَّنب، المصحوب بالندم على فعله، وبالإقلاع عنه، وبصدق العزم على عدم الرجوع إليه، واستبدال الطاعات والقرُبات به، مع إخلاص النية والخشية لله تعالى، فإن الله تعالى يَمُن على صاحب هذا الاعتراف بتوبته ومغفرته ومحْو الذنب عن صاحبه؛ لأن الله ـ جل جلاله ـ هو الغفور الرحيم، وهو الذي وسِعَت رحمتُه كلَّ شيء، وهو الذي يغفر الذنوب جميعًا، ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الذي يقول: "التائب من الذنب كمَن لا ذنب له". وهذا الحديث رواه ابن ماجه عن ابن مسعود.

وهناك رواية أخرى فيها كلام، رواها عن عبد الله بن عباس البيهقيُّ وابنُ عساكر، وهي تقول: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربِّه".

وقد يُقال بعد هذا إن هُناك حديثًا أورده القشيري في رسالته عن التصوف، وكذلك رواه ابن النجار عن أنس، وهذا الحديث يقول: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإذا أحب الله عبدًا لم يضرَّه ذنب".

قد يقول هذا الحديث قائلٌ ويتعلَّل بجزئه الأخير للتجرؤ على المعصية، ولكن يجب علينا أن نفهم أن الله ـ تعالى ـ إنما يُحب الأتقياء الأوفياء الخُلصاء، الذين يرجون رحمته ويخشَون عذابه، ومن أحبه الله ـ تعالى ـ لا نتصور منه أن يكون جريئًا على الإثم، أو مستخفًّا بالأوامر التي تأتيه من الله ـ عز وجل.

وهناك حديث آخر يُسيء بعض الناس فهمه واستغلاله، وهو الحديث الذي يقول: "لو لم تُذنبوا وتستغفروا لذهب الله بكم وأتى بقوم يُذْنبون ويَستغفرون فيغفر الله لهم". فهذا الحديث لا يُراد منه التحريضُ على عمل الذُّنوب وإتيان المعاصي، وإنما هو دليل على أن بني الإنسان قد كُتب عليهم النقص، فلابد أن يقع منهم بعض النقائص؛ فمتى وقع فالواجب عليهم أن يُسارِعُوا إلى التوبة بشروطها وقُيُودها ونتائجها، فيغفر الله لهم.

ولْنتدبَّرْ معًا قول الله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ. وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ. أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) (آل عمران:133 ـ 136) صدق الله العظيم. 

الخميس، 4 سبتمبر 2014

حكم الأضحية عن الميت

حكم الأضحية عن الميت
الأضحية سنة مؤكدة في حق الحي القادر، وتجزئ عنه وعن أهل بيته، وقيل: واجبة، وأما الميت فلا تجب عنه عند أحد من أهل العلم ما لم يوص بها أو ينذرها قبل وفاته، واختلفوا في صحتها لو ذبحت عنه بغير وصية هل تصح أم لا؟ على ثلاثة أقوال:
الأول: تصح وهو مذهب الجمهور ويصله ثوابها، ويؤيده ما رواه أبو داود والترمذي في سننهما وأحمد في المسند والبيهقي والحاكم وصححه، أن عليا رضي الله عنه كان يضحي عن النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين، وقال: إنه صلى الله عليه وسلم أمره بذلك.
الثاني: لا تصح إلا إذا أوصى بها الميت وهو مذهب الشافعية، قال الإمام النووي رحمه الله في المنهاج: ولا تضحية عن الغير بغير إذنه، ولا عن ميت إن لم يوص بها. انتهى.
الثالث: تكره وهو مذهب المالكية، قال الإمام خليل رحمه الله في مختصره في ذكر المكروهات في الأضحية: وكره جز صوفها... وفعلها عن ميت. انتهى.
وقال في التوضيح: وقال مالك في الموازية: ولا يعجبني أن يضحي عن أبويه الميتين، قال: وإنما كره أن يضحى عن الميت لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف، وأيضا فإن المقصود بذلك غالبا المباهاة والمفاخرة. انتهى

حكم قراءة الحائض للقرآن ومسها المصحف

حكم قراءة الحائض للقرآن ومسها المصحف:
ذهب جماهير أهل العلم من الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب الأربعة إلى حرمة مس الحائض والجنب المصحف، وحرمة قراءتهما القرآن الكريم أيضاً ولو من غير مس.

أحكام الوضوء:

أحكام الوضوء:
الوضوء لغة: مأخوذة من الوضاءة وهي الحسن والبهجة،
وشرعاً: اسم للفعل الذي هو استعمال الماء أعضاء معينة ما النية. والوضوء اسم للماء الذي يتوضأ به، وسمي بذلك لما يضفي على الأعضاء من وضاءة يغسلها وتنظيفها.

وفروض الوضوء ستة وهي:
النية، وغسل الوجه، وغسل اليدين، مع المرفقين، ومسح بعض الرأس، وغسل الرجلين مع الكعبين، والترتيب. والأصل في مشروعية الوضوء وأركانه قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأمسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) [المائدة:6].
شرح مفصل لأركان الوضوء:
النية:
لأن الوضوء عبادة، وبالنية تتميز العبادة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" [رواه البخاري:1، ومسلم:1907]. أي لا تصح العبادة ولا يعتد بها شرعاً إلا إذا نويت، ولا يحصل للمكلف أجرها إلا إذا أخلص فيها.

تعريف النية: والنية معناها لغة: القصد، وشرعاً: قصد الشيء مقروناً بفعله.
محل النية: ومحل النية القلب، ويسن التلفظ بها باللسان.
كيفية النية: وكيفيتها أن يقول بقلبه: نويت فرض الوضوء، أو رفع الحدث، أو استباحة الصلاة.
وقت النية: ووقتها عند غسل أول جزء من الوجه، لأنه أول الوضوء.

2ـ غسل جميع الوجه:
لقوله تعالى: (فاغسلوا وجوهكم).وحدود الوجه من منبت الشعر إلى أسفل الذقن طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً.
ويجب غسل كل ما على الوجه: من حاجب، وشارب، ولحية، ظاهرة وباطناً لأنها من أجزاء الوجه، إلا اللحية الكثيفة ـ وهي التي لا يرى ما تحتها ـ فإنه يكفى غسل ظاهرها دون باطنها.

3ـ غسل اليدين مع المرفقين:
لقوله تعالى: (وأيديكم إلى المرافق). جمع مرفق وهو مجتمع الساعد مع العضد و"إلى" بمعنى مع، أي: مع المرافق، دل على ذلك ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أنه توضأ فغسل وجهه فاسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يتوضأ".
[أشرع في العضد وأشرع في الساق، معناه: أدخل الغسل فيهما].
ويجب تعميم جميع الشعر والبشرة بالغسل، فلو كان تحت أظافره وسخ يمنع وصول الماء أو خاتم لم يصح الوضوء، لما رواه البخاري ومسلم واللفظ له، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، حتى إذا كنا بماء بالطريق تعجل قوم عند العصر، فتوضأوا وهم عجال، فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها ماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ويل للأعقاب من النار، أسبغوا الوضوء" . أي أتموه وأكملوه باستيعاب العضو بالغسل.
[عجال: مستعجلون].
وروى مسلم : أن رجلا توضأ فترك موضع ظفر على قدمه، فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: "أرجع فأحسن وضوءك". فرجع ثم صلى.
[فرجع: أي فأتم وضوءه وأحسنه].
فدل الحديثان: على أنه لا يجزئ الوضوء إذا بقي أدنى جزء من العضو المغسول دون غسل.

مسح بعض الرأس، ولو شعرة ما دامت في حدود الرأس، لقوله تعالى: (وامسحوا برؤوسكم). وروى المغيرة بن شعبة t : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، ومسح بناصيته، وعلى عمامته. [رواه مسلم].
ولو غسل رأسه أو بعضه يدل المسح جاز. والناصية: مقدم الرأس، وهي جزء منه، والاكتفاء، بالمسح عليها دليل على ان مسح الجزء هو المفروض ويحصل بأي جزء كان.

5ـ غسل الرجلين مع الكعبين:
لقوله تعالى: (وأرجلكم إلى الكعبين). الكعبان مثنى الكعب: وهو العظم الناتئ من كل جانب عند مفصل الساق مع القدم، و "إلى": بمعنى مع، أي مع الكعبين، دل على ذلك: ما جاء في حديث أبي هريرة السابق وحتى أشرع في الساق".
ويجب تعميم الرجلين بالغسل بحيث لا يبقى منهما ولو موضع ظفر، أو تحت شعر لما مر في غسل اليدين.

الترتيب على الشكل الذي ذكرناه:
وهذا مستفاد من الآية التي ذكرت فروض الوضوء مرتبة، ومن فعله صلى الله عليه وسلم فإنه لم يتوضأ إلا مرتباً ـ كما جاء في الآية ـ ثبت ذلك بالأحاديث الصحيحة منها حديث أبي هريرة السابق، وفيه العطف بثم، وهي الترتيب باتفاق. قال النووي في المجموع (1/ 484): واحتج الأصحاب من السنة بالأحاديث الصحيحة المستفيضة عن جماعات من الصحابة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ، وكلهم وصفوه مرتباً، مع كثرتهم وكثرة المواطن التي رأوه فيها، وكثرة اختلافهم في صفاته في مرة ومرتين وثلاث وغير ذلك، ولم يثبت فيه ـ مع اختلاف أنواعه ـ صفة غير مرتبة، وفعله صلى الله عليه وسلم بيان للوضوء المأمور به، ولو جاز ترك الترتيب لتركه في بعض الأحوال لبيان الجواز، كما ترك التكرار في أوقات.

العقيقة


العقيقة هي الذبيحة التي تذبح للمولود، وأصل العق الشق والقطع، وقيل للذبيحة عقيقة، لأنه يشق حلقها، ويقال عقيقة للشعر الذي يخرج على رأس المولود من بطن أمه.
وهي سنة مؤكدة كما عليه جمهور أهل العلم. لما رواه مالك في موطئه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ولد له ولد فأحب أن ينسك عن ولده فليفعل". وقد روى أصحاب السنن عن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق ويتصدق بوزن شعره فضة أو ما يعادلها ويسمى". ويذبح عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، لما رواه الترمذي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أمرهم أن ُيعق عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة" ويسن أن تذبح يوم السابع للولادة فإن لم يكن ففي الرابع عشر وإلا ففي الحادي والعشرين لما أخرجه البيهقي عن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العقيقة تذبح لسبع أو لأربع عشر أو لإحدى وعشرين". فإن لم يتمكن في هذه الأوقات، لضيق الحال أو غير ذلك فله أن يعق بعد ذلك إذا تيسرت حاله، من غير تحديد بزمن معين. إلا أن المبادرة مع الإمكان أبرأ للذمة.
والذي تطلب منه العقيقة هو من تلزمه نفقة المولود فيؤديها من مال نفسه لا من مال المولود، ولا يفعلها من لا تلزمه النفقة إلا بإذن من تلزمه وهو مذهب الشافعية، وقالوا: إن عقّ النبي صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين محمول على أن نفقتهما كانت على الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أنه عق عنهما بإذن أبيهما. وإذا بلغ ولم يُعق عنه عق عن نفسه، وذكر المالكية أن المطالب بالعقيقة هو الأب، وصرح الحنابلة أنه لا يعق غير الأب إلا إن تعذر بموت أو امتناع، فإن فعلها غير الأب لم تكره، وإنما عق النبي صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين لأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم. ولا يجزئ فيها إلا ما يجزئ في الأضحية، فلا يجزى فيها عوراء ولا عرجاء ولا جرباء، ولا مكسورة، ولا ناقصة، ولا يجز صوفها ولا يباع جلدها ولا شيء من لحمها. ويأكل منها، ويتصدق، ويهدي. فسبيلها في جميع الوجوه سبيل الأضحية، ولا حرج في كسر عظمها، ولا يلتفت إلى قول من قال إنه لا يكسر تفاؤلا بسلامة الصبي، إذ لا أصل له في كتاب ولا سنة صحيحة، وغاية ما احتجوا به هو ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: " السنة شاتان مكافئتان عن الغلام ، وعن الجارية شاة، تطبخ جدولاً، لا يكسر لهما عظم" أخرجه البيهقي، والحاكم وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي ، لكن قال الإمام النووي رحمه الله ( وأما حديثها الآخر في طبخها جدولاً فغريب رواه البيهقي من كلام عطاء بن أبي رباح) المجموع (8/407) وعلى هذا فالحديث معلول لا يحتج به ، ويؤيد هذا الحكم ما قاله الألباني من أن ( ظاهر الإسناد الصحة، ولكن له عندي علتان: الأولى الانقطاع….والأخرى الشذوذ والإدراج. فقولها (تطبخ أو تقطع جدولاً لا يكسر لها عظم) هو من كلام عطاء موقوفاً عليه فهو مدرج في الحديث) انظر إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (4/395-392) للشيخ الألباني .
والسن المجزئ في الأضحية والعقيقة إذا كانت من الإبل أن تكون مسنة وهي ما لها خمس سنين، ومن البقر ماله سنتان. ومن المعز ماله سنة، ومن الضأن ماله ستة أشهر. لا يجوز أن يكون سنها أقل مما ذكر.
ولا يشترط أن يرى الوالد دم العقيقة وليس على ذلك دليل.
وذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يستحب طبخ العقيقة كلها حتى ما يتصدق به ، وإن فرقها بدون طبخ جاز ذلك. والله أعلم.

صفة الرضاع المحرم

صفة الرضاع المحرم
أقوال العلماء في صفة الرضاع المحرم
1- مذهبُ الحنفيّةِ:
قال ابنُ عابدين في تعريفِ الرَّضاعِ: « وشرعاً: مصٌّ من ثديِ آدميّةٍ؛ ولو بكراً أو ميّتةً أو آيسةً، وأُلحِق بالمصِّ: الوَجورُ، والسَّعوطُ »(1).
وقال السّرخسيُّ: « والسَّعوطُ والوَجورُ يُثبِتُ الحُرمةَ؛ لأنّه ممّا يتغذّى بهِ الصَّبِيُّ؛ فإنّ السَّعوطَ يصلُ إلى الدِّماغِ؛ فيتقوّى بهِ، والوَجورَ يصلُ إلى الجوفِ فيحصلُ بهِ إنباتُ اللّحمِ وإنشازُ العظمِ.
فأمّا الإقطارُ في الأُذنِ فلا يوجبُ الحُرمةَ؛ لأنّ الظاهرَ أنّه لا يصلُ إلى الدِّماغِ؛ لضِيقِ ذلكَ الثُّقبِ، وكذلك الإقطارُ في الإحليلِ؛ فإنَّ أكثرَ ما فيه أنّه يصلُ إلى المثانةِ؛ فلا يتغذّى بهِ الصَّبيُّ عادةً، وكذلك الحقنةُ في ظاهرِ الرِّوايةِ؛ إلا في روايةٍ عن محمّدٍ -رحمه الله تعالى- قال : إذا احتقن صبيٌّ بلبنِ امرأةٍ تثبتُ بهِ الحرمةُ؛ لأنّ ذلك يصلُ إلى الجوفِ؛ ألا ترى أنّه يفسدُ بهِ الصومُ. ولكنّا نقولُ: ليس الموجبُ للحرمةِ عينُ الوصولِ إلى الجوفِ؛ بل حصولُ معنى الغذاءِ ليَثبتَ به شبهةُ البعضيّةِ؛ وذلك إنّما يحصلُ من الأعالي لا من الأسافلِ »(2).
وقـال ابنُ الهُمام: « ثمّ الاحتقانُ باللّبنِ لا يوجبُ الحُرمةَ منْ غيرِ ذكرِ خلافٍ بين أصحابِنا في كثيرٍ من الأصولِ، وهـو قولُ الأئمّةِ الأربعةِ...والـوَجُور والـسَّعوط تثبـتُ بـهِ الحُرمةُ اتّفاقاً »(3).
2- مذهب المالكيّة:
قال خليلٌ في تعريفِ الرّضاعِ: « حصولُ لبنِ امرأةٍ؛ وإن ميّتةً وصغيرةً؛ بوَجورٍ، أو سَعوطٍ، أو حقنةٍ تكونُ غذاءً... »(4).
وقد اختلف الشُّرّاحُ في تفسيرِ قولِهِ (تكون غذاءً)؛ فقال الزّرقانيُّ في (شرحِهِ): «(تكون) الحقنةُ فقط دون ما قبلَها (غذاءً) بالفعلِ؛ أي: كافيةً للرّضيعِ عند وجودِها؛ وإن كان يحتاجُ لغذاءٍ بعد ذلك بالقريبِ »(5).
وقال الخُرشيُّ في (شرحِه): « ومعنى كونِها غِذاءً: أن تصلَ إلى محلِّ الغذاءِ، ولا يُشترطُ الغذاءُ بالفعلِ؛ لأنّ المصّةَ الواحدةَ تحرّمُ، وهي لا تكونُ غذاءً »(6).
وقال الدُّسوقيُّ: « وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ على هذه الثَّلَاثَةِ يَقْتَضِي أَنَّ ما وَصَلَ من اللَّبَنِ لِلْجَوْفِ من الْأُذُنِ، أو الْعَيْنِ، أو مَسَامِّ الرَّأْسِ لَا يُحَرِّمُ؛ وَلَوْ تَحَقَّقَ وُصُولُهُ، وهو كَذَلِكَ »(7).

3- مذهبُ الشّافعيّةِ:

قال زكريّا الأنصاريُّ في بيانِ حدِّهِ شرعاً : « اسمٌ لحصولِ لبنِ امرأةٍ، أو ما حصَل منهُ في معدةِ طفلٍ، أو دماغهِ »(8).
قـال الإمـامُ الشّافعيُّ: « والوَجورُ كالرّضاعِ، وكذلك السَّعوطُ؛ لأنّ الرأسَ جوفٌ»(9).

وقال أيضاً: « ولو حقنَهُ كان في الحُقنةِ قولانِ: أحدُهما: أنّه جوفٌ؛ وذلك أنّها تفطِّرُ الصّائمَ لوِ احتقنَ. والآخرُ: أنّ ما وصل إلى الدِّماغِ كما وصل إلى المعدةِ؛ لأنّه يغتذي من المعدةِ، وليست كذلك الحقنةُ »(10).
وقال أبو إسحاق الشيرازيُّ: « ويثبتُ التّحريمُ بالوَجورِ؛ لأنّه يصِلُ اللّبنُ إلى حيثُ يصلُ بالارتضاعِ، ويحصلُ بهِ من إنباتِ اللّحمِ، وانتشارِ العظمِ ما يحصلُ من الرّضاعِ. ويثبتُ بالسَّعوطِ؛ لأنّه سبيلٌ لفطرِ الصائمِ؛ فكان سبيلاً لتحريمِ الرّضاعِ كالفمِ. وهل يثبتُ بالحُقنةِ؟ فيهِ قولانِ: أحدُهما: يثبتُ؛ لما ذكرناهُ في السّعوطِ. والثّاني: لا يثبتُ؛ لأنّ الرّضاعَ جُعلَ لإنباتِ اللّحمِ، وانتشارِ العظمِ، والحُقنة جعلتْ للإسهالِ »(11).
وقال النّوويُّ: « لو حُقنَ باللّبنِ أو قُطِّرَ في إحليلِه فوصل مثانتَهُ، أو كان على بطنِهِ جراحةٌ فصُبَّ اللَّبنُ فيها حتّى وصَل الجوفَ: لمْ يثبتِ التّحريمُ على الأظهرِ.
ولو صُبَّ في أنفِهِ فوصَل دماغَهُ: ثبتَ التّحريمُ على المذهبِ، وقيل: فيهِ القولانِ»(12).
وقال في (المنهاج): « ويُحرّمُ إيجارٌ، وكذا إسعاطٌ على المذهبِ، لا حقنةٌ في الأظهرِ»(13).
قال الخطيبُ الشّربينيُّّ في (شرحِهِ) : « (في الأظهرِ)؛ لانتفاءِ التّغذِّي؛ لأنّها لإسهالٍ، وما انعقد في المعدةِ. والثّاني: تُحرّمُ؛ كما يحصلُ بها الفِطرُ.
ودُفع بأنّ الفطرَ يتعلّقُ بالوصولِ إلى جوفٍ، وإنْ لمْ يكن معدةً ولا دماغاً؛ بخلافِه هُنا؛ ولهذا لم يُحرّمِ التّقطيرُ في الأذنِ، أو الجراحةِ إذا لمْ يصلْ إلى المعدةِ، ولا بُـدّ أن يـكونَ مـنْ منفذٍ مفتوحٍ؛ فلا يُحرّمُ وصولُه إلى جوفٍ أو معدةٍ بصبّه في العينِ بواسطةِ المسامِّ »(14).


4- مذهب الحنابلة:

قال البهوتيُّ في حدِّ الرَّضاعِ شرعاً: « مصُّ من دونَ الحولينِ لبناً ثابَ عن حملٍ، أو شربُه، ونحوُه »(15).
وقال ابنُ قدامةَ: « ويثبتُ التّحريمُ بالوُجورِ؛ وهو أن يُّصبَّ اللّبنُ في حلقِه؛ لأنّه ينشزُ العظمَ، وينبتُ اللّحمَ؛ فأشبَهَ الارتضاعَ، وبالسُّعوطِ؛ وهو أن يُّصبَّ في أنفِه؛ لأنّه سبيلٌ لفطرِ الصّائمِ؛ فكان سبيلاً للتّحريمِ بالرّضاعِ كالفمِ.
وعنه: لا يثبتُ التّحريمُ بهما(16)؛ لأنّهما ليسا برضاعٍ... ».
ثمّ قال: « ولا يثبتُ التّحريمُ بالحقنةِ في المنصوصِ عنه؛ لأنّها تُراد للإسهالِ، لا للتّغذِّي؛ فلا تنبِتُ لحماً ولا تنشِزُ عظماً، وقد روى ابن مسعود أنّ النّبيّ r قال: (لا رضاعَ إلا ما أنشزَ العظمَ، وأنبتَ اللّحمَ) رواه أبو داود. وقال ابنُ حامدٍ وابنُ أبي موسى: ينشرُ الحرمةَ؛ لأنّه واصلٌ إلى الجوفِ أشبهَ الواصلَ إلى الأنفِ»(17).
وقال أيضاً جواباً على من اختارَ التّحريمَ بالحُقنةِ: « ولنا: إنّ هذا ليس برضاعٍ، ولا يحصلُ به التّغذِّي فلمْ ينشرِ الحرمةَ؛ كما لو قطّر في إحليلِهِ، ولأنّه ليس برَضاعٍ، ولا في معناهُ؛ فلم يجزْ إثباتُ حكمِه فيهِ، ويفارقُ فطرُ الصّائمِ؛ فإنّه لا يعتبرُ فيهِ إنباتُ اللّحمِ، ولا إنشازُ العظمِ، وهذا لا يُحرِّم فيه إلا ما أنبتَ اللّحمَ وأنشزَ العظمَ، ولأنّه وصلَ اللّبنُ إلى الباطنِ من غيرِ الحلقِ؛ أشبَهَ ما لو وصَلَ من جُرحٍ »(18).
وقال المرداويُّ: « قولُه: (والسُّعوطُ والوُجورُ كالرَّضاعِ) في إحدى الروايتينِ.
وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم الخرقي، والقاضي، وأصحابُه، والمصنِّفُ، وغيرُهم ... والروايةُ الثانيةُ: لا يثبتُ التّحريمُ بهما؛ اختاره أبو بكر »(19).

وقال أيضاً: « قوله: (والحقنة لا تنشر الحرمة) نصّ عليهِ.
وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ لأنّ العلةَ إنشازُ العظمِ وإنباتُ اللّحمِ؛ لحصولِه في الجوفِ...
وقال ابنُ حامد: تنشرها، وحكاهُ روايةً، واختارُه ابنُ أبي موسى ».
ثمّ قال: « فائدة: لا أثرَ للواصلِ إلى الجوفِ الّذِي لا يغذِّى؛ كالذّكرِ والمثانةِ »(20).

والخلاصةُ: أنّ صفةَ الرّضاعِ المحرّمِ تكونُ بمصِّ اللَّبنِ من الثديِ اتّفاقاً، وبالوُجورِ في الفمِ والسُّعوطِ في الأنفِ في مذهبِ الأئمّةِ الأربعةِ؛ خلافاً للظّاهريّةِ وروايةٍ عنِ الإمامِ أحمدَ، وأمّا الاحتقانُ باللّبنِ فلا يوجبُ تحريماً مطلقاً في قولِ الجمهورِ، وبشرطِ عدمِ التّغذيةِ أو الوصولِ إلى الجوفِ عند المالكيّةِ؛ خلافاً لمحمّد بن الحسنِ من الحنفيّةِ، وابنِ حامدٍ وابنِ أبي موسى من الحنابلةِ، والشّافعيِّ في قولٍ، وأمّا ما عدا ذلك من الإقطارِ في الأذنِ أو العينِ ونحوِهما فإنّه لا يحرِّمُ، واللهُ أعلم.

______________________________
([1]) الدر المختار (3 / 229). والوَجورُ: بالفتح؛ ما يصبُّ في الحلقِ، وبالضمّ الفعل نفسه. والسَّعوطُ: بالفتح؛ ما يصبُّ في الأنفِ، وبالضمّ الفعل نفسه.

([2]) المبسوط (4 / 79).
([3]) شرح فتح القدير (3 / 455-456).
([4]) مختصر خليل (ص/ 140).
([5]) شرح الزرقاني (4/239)، ونحوه في منح الجليل لعلّيش (4/373)؛ حيث قال: « أي: مشبعة للصبي، ومغنية له عن الرضاع وقت حصولها؛ وإن احتاج له بعد بالقرب. ومفهوم تكون غذاء أنها إن لم تكن غذاء فلا تحرم، وهو كذلك»، ويؤيده فتوى ابن القاسم. انظر: المدوّنة الكبرى (5/406).
([6]) شرح مختصر خليل (4/ 177). وانظر: الذخيرة (4/274).
([7]) حاشية الدُّسوقي على الشرح الكبير (2/503) .
([8]) فتح الوهّاب (2/194). وانظر: مغني المحتاج(3 / 414).
([9]) الأم (5 / 29).
([10]) الأم (5 / 31).
([11]) المهذّب (2 / 156).
([12]) روضة الطالبين (9/6).
([13]) منهاج الطالبين (ص/117).
([14]) مغني المحتاج (3/416). وانظر: نهاية المحتاج للرّمليُّ (7/175).
([15]) الرّوض المربع (ص/614).
([16]) وهو مذهب الظاهريّة. انظر: المحلّى لابن حزمٍ (10/7)؛ فإنّ صفةَ الرّضاعِ عندهم كما قال: «وأمّا صفةُ الرّضاعِ المحرمِ فإنّما هو ما امتصّه الراضعُ من ثديِ المرضعةِ بفيهِ فقط».
([17]) الكافي (3/343). وانظر: المغني (8/139).
([18]) المغني (8/140).
([19])الإنصاف (9/336).
([20]) الإنصاف (9/338-339). وانظر: شرح منتهى الإرادات (3/216).

أحكام تكبيرة الإحرام في الصلاة

أحكام تكبيرة الإحرام في الصلاة:
التّكبير في اللّغة: التّعظيم، كما في قوله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} أي فعظّم، وأن يقال: " اللّه أكبر " روي «أنّه لمّا نزل {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم اللّه أكبر فكبّرت خديجة وفرحت وأيقنت أنّه الوحي».
ولا يخرج استعمال الفقهاء لهذا اللّفظ عن المعنى اللّغويّ.
وهي ركن في كل ركعة من الصلاة، أيا كان نوعها.
وهي قول المصلّي لافتتاح الصّلاة (اللّه أكبر) أو كلّ ذكر يصير به شارعا في الصّلاة.
ولقد اختلف أهل العلم في جواز التكبير بكل ما يقتضي التعظيم غير (الله أكبر) فذهب الجمهور وهم: المالكية والشافعية والحنابلة، إلى عدم جواز ذلك، فلا يجزئ إلا قوله: (الله أكبر) لأن هذه عبادة، ومبنى العبادة على التوقيف فلا يجوز فيها العمل بغير ما ورد، ولو كان بطريق القياس، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواهالبخاري وغيره.
ولم يرد أنه افتتح الصلاة بغير: (الله أكبر) إلا أن الشافعية أجازوا الزيادة عليها بما لا يمنع الأسم في الأصح عندهم، كأن يقول: (الله الأكبر) أو (الله الجليل أكبر) لأنه زيادة تعظيم بشرط أن لا يطول الفصل بين الكلمتين، وذهب أبو حنيفة و محمد بن الحسن من الحنفية إلى جواز إفتتاح الصلاة بكل تعبير خالص لله تعالى فيه تكبير وتعظيم، كقول المصلي: (إن الله أجل) أو (الله أعظم) أو (الله كبير) أو (الرحمن أعظم) لأن ذلك كله يؤدي معنى التكبير، ويشتمل على معنى التعظيم فأشبه قوله: (الله أكبر) وإذا افتتحها بـ(اللهم إغفر لي) فإنه لا يجوز عندهم لأنه مشوب بطلب حاجته، فلم يكن تعظيماً محضاً.
والراجح -والله تعالى أعلم- هو قول الجمهور كما تقدم.والله أعلم.

ويشترط لصحة تكبيرة الإحرام مراعاة الأمور التالية:
(أ) أن يتلفظ بها وهو قائم، فلو نطق بها أثناء القيام إلى الصلاة لم تصح.
(ب) أن ينطق بها حال استقبال القبلة.
(ج) أن تكون باللغة العربية، لكن من عجز عنها بالعربية، ولم يمكنه التعلم في الوقت ترجم وأتى بمدلول التكبير بأي لغة شاء، ووجب عليه التعلم إن قدر على ذلك.
(د) أن يسمع نفسه جمع حروفها إن كان صحيح السمع.
(ه) مصاحبتها للنية كما مر ذكره.

حكم تنشيف الأعضاء بعدَ الوضوء

حكم تنشيف الأعضاء بعدَ الوضوء:
أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أُمِّ هَانِئٍ رَضِيَ اللهُ عَنها قالت: (قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَى غُسْلِهِ, فَسَتَرَتْ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ, ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبَهُ فَالْتَحَفَ بِهِ).

وأخرج ابن ماجه من حديث سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ, فَقَلَبَ جُبَّةَ صُوفٍ كَانَتْ عَلَيْهِ, فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ).
وأخرج الترمذي من حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها قَالَتْ: (كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خِرْقَةٌ يُنَشِّفُ بِهَا بَعْدَ الوُضُوءِ).
وروى البيهقي عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ (أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ مِنْدِيلٌ أو خِرْقَةٌ, فإذا تَوَضَّأَ مَسَحَ وَجْهَهُ).
واختلف الفقهاء في المُفاضلة بين التَّنشيفِ وتركِهِ بعد الوضوء, فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة وهو قول عند الشافعية إلى أنَّه لا بأس بالتَّنشيفِ بعد الوضوء.
وبناء على ذلك:
فلا حرج من التَّنشيفِ بعد الوضوء ، بل يرى الحنفية والشافعية في قولٍ أنَّ الأفضلَ التَّنشيفُ والتَّمسُّحُ بمنديلٍ بعد الوضوء, وخاصَّةً إذا كان تركُ التَّنشيفِ يُؤلمُهُ بسبب شِدَّةِ البرد أو المرض.

مذاهب العلماء في حكم صلاة الجماعة

مذاهب العلماء في حكم صلاة الجماعة:
اعلم إن العلماء رحمهم الله اختلفوا في صلاة الجماعة، فالبعض يراها سنة مؤكدة، والبعض الآخر يراها فرض كفاية، وهناك من قال بوجوبها عينا.

فضائل يوم الجمعة

فضائل يوم الجمعة
بماذا يتميز يوم الجمعة عن غيره من أيام الأسبوع ؟ ولماذا ؟

ليوم الجمعة ميزات وفضائل كثيرة ، فَضَّلَ الله بها هذا اليوم على ما سواه من الأيام
عن أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَضَلَّ اللَّهُ عَنْ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا ، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الأَحَدِ ، فَجَاءَ اللَّهُ بِنَا فَهَدَانَا اللَّهُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ ، فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ وَالأَحَدَ ، وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، نَحْنُ الآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ، وَالأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلائِقِ ) . رواه مسلم (856) .
قال النووي :
قَالَ الْقَاضِي : الظَّاهِر أَنَّهُ فُرِضَ عَلَيْهِمْ تَعْظِيم يَوْم الْجُمُعَة بِغَيْرِ تَعْيِين وَوُكِلَ إِلَى اِجْتِهَادهمْ , لِإِقَامَةِ شَرَائِعهمْ فِيهِ , فَاخْتَلَفَ اِجْتِهَادهمْ فِي تَعْيِينه وَلَمْ يَهْدِهِمْ اللَّه لَهُ , وَفَرَضَهُ عَلَى هَذِهِ الأُمَّة مُبَيَّنًا , وَلَمْ يَكِلهُ إِلَى اِجْتِهَادهمْ فَفَازُوا بِتَفْضِيلِهِ . قَالَ : وَقَدْ جَاءَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلام أَمَرَهُمْ بِالْجُمْعَةِ وَأَعْلَمَهُمْ بِفَضْلِهَا فَنَاظَرُوهُ أَنَّ السَّبْت أَفْضَل , فَقِيلَ لَهُ : دَعْهُمْ . قَالَ الْقَاضِي : وَلَوْ كَانَ مَنْصُوصًا لَمْ يَصِحّ اِخْتِلَافهمْ فِيهِ , بَلْ كَانَ يَقُول : خَالَفُوا فِيهِ , قُلْت : وَيُمْكِن أَنْ يَكُون أُمِرُوا بِهِ صَرِيحًا وَنُصَّ عَلَى عَيْنه فَاخْتَلَفُوا فِيهِ هَلْ يَلْزَم تَعْيِينه أَمْ لَهُمْ إِبْدَاله ؟ وَأَبْدَلُوهُ وَغَلِطُوا فِي إِبْدَاله اهـ .
وليس بعجيب أن يُذكر لهم يوم الجمعة بعينه ثم يخالفون .
قال الحافظ : كيف لا وهم القائلون (سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) !! اهـ
وعن أوس بن أوس : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام ، وَفِيهِ قُبِضَ ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ -أَيْ يَقُولُونَ قَدْ بَلِيتَ- قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلام ) . رواه أبو داود (1047) وصححه ابن القيم في تعليقه على سنن أبي داود (4/273) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود (925) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا ) . رواه مسلم (1410) .
فتضمن هذا الحديث بعض الأسباب التي فُضِّل بسببها يوم الجمعة .
قال النووي :
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : الظَّاهِر أَنَّ هَذِهِ الْفَضَائِل الْمَعْدُودَة لَيْسَتْ لِذِكْرِ فَضِيلَته لأَنَّ إِخْرَاج آدَم وَقِيَام السَّاعَة لا يُعَدّ فَضِيلَة وَإِنَّمَا هُوَ بَيَان لِمَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ الأُمُور الْعِظَام وَمَا سَيَقَعُ , لِيَتَأَهَّب الْعَبْد فِيهِ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَة لِنَيْلِ رَحْمَة اللَّه وَدَفْع نِقْمَته , هَذَا كَلام الْقَاضِي . وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ فِي كِتَابه الأَحْوَذِيّ فِي شَرْح التِّرْمِذِيّ : الْجَمِيع مِنْ الْفَضَائِل , وَخُرُوج آدَم مِنْ الْجَنَّة هُوَ سَبَب وُجُود الذُّرِّيَّة وَهَذَا النَّسْل الْعَظِيم وَوُجُود الرُّسُل وَالْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ وَالأَوْلِيَاء , وَلَمْ يَخْرُج مِنْهَا طَرْدًا بَلْ لِقَضَاءِ أَوْطَار ثُمَّ يَعُود إِلَيْهَا . وَأَمَّا قِيَام السَّاعَة فَسَبَب لِتَعْجِيلِ جَزَاء الأَنْبِيَاء وَالصِّدِّيقِينَ وَالأَوْلِيَاء وَغَيْرهمْ , وَإِظْهَار كَرَامَتهمْ وَشَرَفهمْ , وَفِي هَذَا الْحَدِيث فَضِيلَة يَوْم الْجُمُعَة وَمَزِيَّته عَلَى سَائِر الأَيَّام اهـ .
وعَنْ أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الأَيَّامِ ، وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللَّهِ ، وَهُوَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ الأَضْحَى وَيَوْمِ الْفِطْرِ ، فِيهِ خَمْسُ خِلالٍ : خَلَقَ اللَّهُ فِيهِ آدَمَ ، وَأَهْبَطَ اللَّهُ فِيهِ آدَمَ إِلَى الأَرْضِ ، وَفِيهِ تَوَفَّى اللَّهُ آدَمَ ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لا يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا الْعَبْدُ شَيْئًا إِلا أَعْطَاهُ ، مَا لَمْ يَسْأَلْ حَرَامًا ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ ، مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلا سَمَاءٍ وَلا أَرْضٍ وَلا رِيَاحٍ وَلا جِبَالٍ وَلا بَحْرٍ إِلا وَهُنَّ يُشْفِقْنَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ) . رواه ابن ماجه (1084) . وحسَّنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع رقم (2279) .
قال السندي :
( يُشْفِقْنَ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة ) مِنْ قِيَام السَّاعَة ، وَفِيهِ أَنَّ سَائِر الْمَخْلُوقَات تَعْلَم الأَيَّام بِعَيْنِهَا ، وَأَنَّهَا تَعْلَم أَنَّ الْقِيَامَة تَقُوم يَوْم الْجُمُعَة اهـ
ومن فضائل هذا اليوم :
1- فيه صلاة الجمعة ، وهي أفضل الصلوات :
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) الجمعة/9 .
روى مسلم (233) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الصَّلاةُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ ) .
2- صلاة الفجر جماعةً يوم الجمعة خير صلاة يصليها المسلم في أسبوعه .
عن ابن عمر قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة ) . رواه البيهقي في "شعب الإيمان" . وصححه الألباني في صحيح الجامع (1119) .
ومن خصائص صلاة الفجر في يوم الجمعة أنه يسن أن يقرأ المصلي فيها سورة السجدة في الركعة الأولى ، وسورة الإنسان في الثانية .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِـ ( الم تَنْزِيلُ ) فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ ( هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنْ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ) . رواه البخاري ( 851 ) ومسلم ( 880 ) .
قال الحافظ ابن حجر :
قِيلَ : إِنَّ الْحِكْمَة فِي هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ الإِشَارَة إِلَى مَا فِيهِمَا مِنْ ذِكْر خَلْق آدَم وَأَحْوَال يَوْم الْقِيَامَة , لأَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَسَيَقَعُ يَوْم الْجُمُعَة اهـ .
3- أن من مات في يوم الجمعة أو ليلتها وقاه الله فتنة القبر .
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ ) . رواه الترمذي (1074) . وصححه الألباني في "أحكام الجنائز" (ص 49 ، 50) .
هذه بعض فضائل يوم الجمعة ، نسأل الله أن يوفقنا لمرضاته .

صفة الصلاة على المذهب الشافعي

الحمد لله وكفا والصلاة والسلام على المصطفى..
طلب مني بعض الأصدقاء أن أكتب مختصرا في صفة الصلاة على المذهب الشافعي بطريقة سهلة وميسرة..فأجبتهم لذلك..مستمدا من الله العون والصواب ...

حكم التلفظ بالنية

حكم التلفظ بالنية
اعلموا أن النية محلّها القلب فلا يجب النطق بها باللسان اتفاقاً ولكن يسنّ النّطق بها ليساعد اللسان القلب كما بيّن السادة الشافعية ومن وافقهم من أهل العلم. (انظر: حاشية البيجوري).
ومعنى ذلك أنّ من نوى بقلبه ولم يتلفظ بلسانه فصلاته صحيحة اتفاقاً وأمّا لو تلفظ بلسانه ولم ينو بقلبه فصلاته باطلة وإن جمع بين اللسان والقلب فهو الأفضل.

جاء في المجموع للنووي3/277 :
فان نوى بقلبه ولم يتلفظ بلسانه أجزأه علي المذهب وبه قطع الجمهور وفيه الوجه الذى ذكره المصنف وذكره غيره وقال صاحب الحاوى هو قول ابى عبد الله الزبيري أنه لا يجزئه حتى يجمع بين نية القلب وتلفظ اللسان لان الشافعي رحمه الله قال في الحج إذا نوى حجا أو عمرة أجزأ وان لم يتلفظ وليس كالصلاة لا تصح الا بالنطق قال اصحابنا غلط هذا القائل وليس مراد الشافعي بالنطق في الصلاة هذا بل مراده التكبير: ولو تلفظ بلسانه ولم ينو بقلبه لم تنعقد صلاته بالاجماع فيه: ولو نوى بقلبه صلاة الظهر وجرى علي لسانه صلاة العصر انعقدت صلاة الظهر.
وقال الخطيب في المغني (1/ 343):" (ويندب النطق) بالمنوي (قبيل التكبير) ليساعد اللسان القلب ولأنه أبعد عن الوسواس.اهـ

وهناك ثلاثة أقوال للعلماء في مسالة التلفظ بالنية:
1- ذهب جماعة من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد إلى استحباب التلفظ بها، واستدلوا لذلك بالمنقول من تلفظ النبي صلى الله عليه وسلم بالتلبية لعمرته وحجه،( عن أنس عن أبي طلحة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في تلبيته لبيك بحجة وعمرة معا)..وحديث الصوم(عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت ربما دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لنا هل عندكم من شيء فنقول لا فيقول إني إذا صائم قالت ودخل علينا مرة فقلنا له أهدي لنا حيس فخبأنا لك منه فقال هلموه فإني قد كنت صائما قالت فأكل) وقاسوا عليها بقية العبادات، وقالوا: بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وبالمعقول وهو أن اجتماع عضوين، وهما: القلب واللسان في العبادة أولى من إعمال عضو واحد.

2- وذهبت جماعة من أصحاب مالك وأحمد إلى عدم استحباب التلفظ بالنية.
3- وذهبت جماعة من المالكية إلى أن التلفظ بالنية خلاف الأولى، إلا الموسوس فيندب له اللفظ لإذهاب اللبس عن نفسه.
وأقول ينبغي على المصلين وأهل العلم ألاّ يختلفوا في مثل هذه المسائل الجزئية التي لا يترتب على فعلها وتركها شيء لا سيما وأنّ جمهور أهل العلم على جواز التلفظ بالنية بل وعلى استحبابها عند السادة الشافعية، أفلا يسعنا ما وسعهم، فينبغي أن ننزه مساجدنا ومجالسنا من مثل هذه الإختلافات الفرعية وننشغل في قضايا أخرى أساسية وجوهرية، فإنّه من المقرر فقهياً أنّ المختلف فيه لا ينكر خصوصاً إذا كانت من الهيئات التي لا يترتب على تركها أو فعلها بطلان.
وأنصح كلّ من أراد أن ينقل فتوى أو قولاً لأهل العلم أن يبحث أولا فيما لو كانت محلً اختلاف أم اتفاق، فإن كانت محل اتفاق ورأى فعل النّاس على خلافه قدّم النصح بحكمة وإن كانت محل اختلاف توقف عن الإنكار لأنّ المختلف فيه لا ينكر ولو كان على خلاف ما يتبناه المرء لنفسه...والله أعلم.

اعتبار اختلاف المطالع في ثبوت الأهلة وآراء الفقهاء فيه

اعتبار اختلاف المطالع في ثبوت الأهلة وآراء الفقهاء فيها:

رحمة الله الواسعة

اعلموا إن الله عز وجل قد كتب على نفسه الرحمة وأوجبها على نفسه العلية. تلك الرحمة التي شملت من عمل السيئات ثم عاد إلى الله وعمل صالحًا.
قال سبحانه: ﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعَام: 54].

وما دام أن العبد قد تاب وعاد، وأصلح العمل، فحينها يتفضل الله على عبده بالرحمة الواسعة التي قد وسعت كل شيء، كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، فأمسك عنده تسعة وتسعين رحمة وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة". إلا أن تلك الرحمة قد شملت الخلائق أجمعين؛ من حلمه على عباده ورزقه إياهم، وتوفيقه لهم في أمور معاشهم ودنياهم، وغير ذلك مما يدل على فضله الواسع ورحمته البالغة، إنها رحمة عظيمة أعظم من رحمة الأم بولدها، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
"قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي فإذا امرأة من السبي تبتغي؛ إذا وجدت صبيًا في السبي؛ أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته. فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟. قلنا: لا والله وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لله أرحم بعباده من هذه بولدها".

وفي هذا بشارة واضحة وجلية بسعة رحمة رب العالمين جل وعلا، وأنها دومًا تسبق وتغلب غضبه، رغم أنه الملك الجبار القاهر فوق عباده والقادر على كل شيء، وقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"قال الله عز وجل سبقت رحمتي غضبي، لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي"..

ولهذا جاء في القرآن ما يجلي لنا ذلك ويؤكده فقد قال الله تبارك وتعالى: ﴿ نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ ﴾ [الحِجر: 49-50].
وتأمل يا رعاك الله في هذه الآية الكريمة كيف قدم ربنا - تبارك وتقدس - المغفرة والرحمة على العذاب الأليم، ثم إن الله وصف نفسه المقدسة بأنه غفور رحيم ولم يقل أنا الجبار المنتقم أو غير ذلك مما يوحي بشدة غضبه على من خالفه وعصاه عدلا منه وحكمة، بل قال سبحانه: ﴿ نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الحِجر: 49].
بينما الألم والانتقام والشدة والبأس نسبه الله إلى العذاب وجعله وصفا لعذابه فقال سبحانه: ﴿ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ ﴾ [الحِجر: 50].
وهذا يدل على سعة رحمة الله، وأن عفوه أعجل وأسبق من بطشه وانتقامه.
(اللهم إنك عفوٌ كريمٌ تحب العفو فاعف عنا)

عشر على المؤمن لأخيه

عشر على المؤمن لأخيه


إن الحب في الله تعالى والبغض فيه علامة من علامات إيمان الشخص فهو لا يحب إلاّ ما أحب الله ، ولا يبغض إلاّ ما أبغض الله ودليل ذلك قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : - " من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان " رواه أو داود .
والمتحابين في الله تعالى لهم الأجر من عند الله والمثوبة وخير المآل قال ( صلى الله عليه وسلم ) :- " إن حول العرش منابر من نور عليها قوم لباسهم نور ووجوههم نور ، ليسوا بأنبياء ولا شهداء ، يغبطهم النبيّون والشهداء ، فقالوا صفهم لنا يا رسول الله : فقال المتحابون في الله ، والمتجالسون في الله والمتزاورون في الله " أخرجه النسائي .
والمتحابون في الله ينعمون أيضاً بظل الله جل وعلا يوم لا ظل إلا ظله فقد قال ( صلى الله عليه وسلم ) " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ذكر منهم ورجلان تحابا في الله فاجتمعا على ذلك وتفرقا عليه ... رواه البخاري
إلاّ أن لهذه المحبة حقوق على المحب لابد من مراعاتها والوقوف عندها لنتأملها جيداً .

ومن هذه الحقوق :ــ

1- أن تكون هذه المحبة لله وفي الله جل وعلا فلا يسعى عن طريقها للحصول على مصلحة ، أو الفوز بثمرة دنيوية زائلة ، فمتى ما أحب المؤمن أخاه صارحه بمحبته بأن يقول : إني أحبك في الله , وأن تلك المحبة لله تعالى وأن تكون مقرونة بإخلاصها له سبحانه .

أن يقف المؤمن مع من يحب في المصائب والشدائد ومحاولة تذكيره ووعظه ، والتألم من ألمه ، وتعزيز صبره ، وتلبيته متى ما احتاج إلى شيء من أمور هذه الدنيا والتي لا تخالف العقيدة ، ولا ينكرها العرف .

الاتصال معه بشكل دائم وعلى فترات متقاربة ، والسؤال عن حاله وعن أولاده وعمله ، وسؤاله عن ما يريده أو ما يحتاجه ، وزيارته في بيته والسلام عليه وعلى أولاده .

التغاضي عن هفواته ، والسماح له عن زلاته ، وإحسان الظن به ، وعدم طاعة الشيطان عندما يثير الشكوك تجاهه ، وستر عيوبه ومحاولة حل مشاكله بطريقة لا تسيء له أو تسبب له البعد والكراهية .

أن لا يسعى لإحراجه ، أو حمله على ما يكره أو على ما لا يستطيع إنجازه أو عمله ، بل الواجب تقدير وضعه ، ومراعاة قدراته لأن في ذلك توثيق لصلة المحبة ، وتعزيز من علاقة الأخوة وقد قيل قديماً "من سقطت كلفته دامت ألفته ، ومن خفت مئونته دامت مودته" .

6ـ كتمان سره وعدم إفشاءه ، والحفاظ على موضع الثقة التي جعلك فيه ، وتقبل شكواه ومعاناته ، والمسح على دمعته ، وتبصير عقله عن ما يجهله ، وتنويره متى أحسّ بظلمة الألم ووحشة الدرب .

الإكثار من إهدائه الهدايا المعبّرة ، والكلمات الجميلة المؤثرة وتذكيره بحبك له ، واستعدادك الوقوف معه متى ما أحتاج إليك وإخباره بأن كل هذا إنما هو من سنة المصطفي ( صلى الله عليه وسلم ).

مصاحبته إلى أماكن الطاعات ودروس العلماء ومنابر العلم وحثّه على ذلك ، وإبعاده عن مواطن الشبه ، وأصدقاء المعصية وعملاء الشيطان .

الدعاء له في ظهر الغيب قال عليه الصلاة والسلام : " إذا دعا الرجل لأخيه في ظهر الغيب قال الملك ولك مثل ذلك " رواه مسلم .


10ـ الذب عنه بقدر الإمكان أمام الآخرين حينما ينالون منه , والدفاع عنه أمام من يبادله الكره , ونصرته في الحق أثناء غيابه , ومحاولة تقريب وجهات النظر بينه وبين أخصامه .

وأخيراً لعلي أذكر أن العلماء قالوا " إن المتّخذ أخاً ينبغي أن يكون عاقلاً فلا يكون أحمق يضر من حيث يريد أن ينفع ، ومتحلي بالأخلاق الإسلامية الحميدة ، وتقياً لأنها لا تجوز مؤاخاة الفاسق , وملازماً للكتاب والسنة ومحارباً للبدع والخرافة " . 
حسين بن سعيد الحسنية